؟
كيف يطمئنّ القلب
جواب الفطرة ..
لقد أجاب البعض بجواب ينطلق من أمر داخلي غرسه
الله تعالى في كل إنسان وفطره عليه ،ألا وهو حبّه للكمال الّذي ينتج منه
سعيٌ دائم باتجاهه ، ويرى هذا البعض أن الوصول إلى إلى الكما المنشود هو
الّذي يؤدي إلى السعادة الحقيقية .
وحبُّه للكمال هذا يظهر على الإنسان منذ نعومة أظافره حيث نجده في تلك المرحلة الطفولية يسعى نحو هدف يعتقده كماله .
ففي ذلك العمر ، وحينما يكون الطفل لا يقدر على الحركة مستقلاً فبعتقد أنّ
كماله يتحقّق حينما يحبو. لكنه حينما يحبو يعرف أنّ الحبو لا يحقّق كماله
، فيسعى نحو المشي ، فيمشي على قدمين بعد أن كان يتحرك على أربع .
لكنه يدرك حينها أنه لم يصل إلى كماله وسعادته المنشودين ، لذا ينشد أمراً
آخر قد يظنه النطق والتكلم فيسعى جاهداً للنطق ، فيتطق ويتكلّم وقد يصبح
فصيحاً بليغاً .
لكنه يشعر أنّ نار عشق الكمال والسعادة ما زالت تلتهب في داخله ..
قد يظن بعد تلك المرحلة أن كمله يتحقق من خلال الوصول إلى منزلة ومكانة من
يعتقده قدوة في حياته ، فيصل ، بل قد يعلو على تلك المنزلة ، لكنه يشعر
ببقاء ذلك الظمأ في داخله ، ولا يجد الاطمئنان الذي هو علامة للسعادة في
قلبه .
فيستمر ساعيا نحو الكمال ، وقد يتوجه نحو الأسباب التي مرّت من مال وجاه
وشهرة وسلطة بدون أن يجد ريَّ الطمأنينة في قلبه ، وشبع الكما في نفسه .
ولو كبُس على زرّ نُطق الفطرة الإنسانية لهؤلاء الناس لسمعناهم يصرخون : ...إننا عاشقون للكمال ، فأين نجده ...؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هنا ينبري شيخ كبير عارف قارئ لحقائق النفس الإنسانية وهو الإمام روح الله
الموسويْ الخميْني قدس سره ...ليجيب على هؤلاء بلغته الداخلة إلى القلوب
من غير استئذان :
يا أيّها الهائمون في وادي الحيْرة ، والضائعون في صحاري الضلالات ، بل
أيّتها الفراشات الهائمة حول شمعة جمال الجميل المطلق ، ويا عشاق الحبيب
الخالي من العيوب ، والدائم الأزليّ ، عودوا قليلا إلى كتاب الفطرة ،
وتصفّحوا كتاب ذاتكم ، لتروا أنّ الفطرة الإلهية قد كتبت فيها بقلم القدرة
( وجّهتُ وجهي للّذي فَطَرَ السّماوات والأرض) ...
أجل ، إن الإنسان حينما يرجع الى فطرته يتعرّف إلى أنّ سعيه كان نحو
الكمال المطلق الخالي من كلّ عيب ونقيصة ، وأن كلّ ما ظنه كمالا كان
خادعاً .
فالكمال المطلق متحقّق في واحد أحد ، الا وهو رب العالمين ، وأن كمال
الإنسان وسعادته لا يتحققان إلا حينما يرتبطان الا بالكمال المطلق ..