حادثة تيتانيك

يا ستار
إعداد: أماني عثمان

كانت السفينة "تيتانيك" من أضخم السفن وأمتنها، حتى إنه كان يعتقد أنها لا تغرق؛ ولكن كيف كان لها أن تنجو بعد الاصطدام بجبل من الجليد؟

رحلة إلى الغرق:
ما أن غادرت الباخرة "تيتانيك" قاعدتها البحرية في "سوزمتن" إذا بها تجتاز سفينة نقل راسية تدعى "نيويورك". فجأة سمعت أصوات انفجارات قوية تعود إلى انقطاع حبال الإرساء، ثم بدأت الباخرتان تتقاربان بشكل خطير؛ ولكن توقفت "تيتانيك" في الوقت المناسب، وأعاد القاطرون "نيويورك" إلى المرفأ. وكادت الحادثة نفسها تتكرر بعد دقائق قليلة؛ ولكن الباخرة "توتونيك" سحبت القلس واستدارت حتى تتمكن "تيتانيك" من المرور.
توقفت "تيتانيك" قليلاً في "تشيربورغ"، ثم غادرت قاعدة "كوينزتاون" في أيرلندا مساء يوم الخميس 11 إبريل 1912، وانطلقت في المحيط الأطلسي. كان البحر هادئًا، وكان الطقس صافيًا ولكنه بارد. وقد انخفضت الحرارة كثيرًا صبيحة يوم السبت 14 إبريل، وتلقى التقني "ماركوني" رسائل عبر الإذاعة تحذر القبطان من خطر الاصطدام بجبال الجليد.
تابعت الباخرة سيرها وبسرعة قصوى. وقبل منتصف الليل مباشرة صرخ مراقب الباخرة: "جبل جليد أمامنا تمامًا!".
فصدرت على الفور أوامر صارمة بتوجيه مقدمة الباخرة إلى يسارها؛ ولكن فات الأوان. فعندما بدأت السفينة تغير اتجاهها جلفها جبل جليد من جهة الميمنة.
أمر بإغلاق سائر الأبواب العازلة، ثم استقصاء الهيكل؛ ولكن قبل تنفيذ الأمر كانت المياه قد تدفقت إلى الباخرة.
لم يلاحظ المسافرون المستيقظون أي تغيير؛ لأن الاصطدام كان خفيفًا. أعلن "لورانس بيزلي" أحد الناجين أنه لم يسمع صوت اصطدام، ولم يشعر بصدمة ولا بأي اهتزاز بسيط.
عندما لاحظ القبطان "إدوارد سميث" أن الأضرار جسيمة توجه إلى قاعة الإرسال وأمر بإرسال نداءات استغاثة.
وقد استجابت لنداءات الاستغاثة باخرتا "فرانكفورت" و"كرباثيا".
أحدث جبل الجليد فجوة في ميمنة الباخرة، فأخذت المياه المثلجة تتدفق إلى الداخل. وبعد مرور خمس وعشرين دقيقة على الاصطدام أمر القبطان بإطلاق زوارق الإنقاذ.
في هذه الأثناء كان خدام "تيتانيك" يتنقلون بين المقصورات طالبين بتأسف من الركاب أن يرتدوا ملابس دافئة وينضموا إلى الزوارق حاملين معهم أحزمة الإنقاذ. استجاب معظم الركاب لهذا الطلب، مع أنهم لم يصدقوا أن ما يحصل صحيح، ولكن البعض الآخر رفض مغادرة مقصورته المريحة متخيلاً أن ما يجري هو مجرد تمرين.
أطلقت زوارق الإنقاذ، وصدر أمر بإنزال النساء والأطفال أولاً. وكان جميع الركاب يتصرفون بهدوء، ولم تحدث أية بلبلة كتلك التي تتسبب بسقوط العديد من الأموات في حالات الغرق الأخرى.
وبينما بدأت الزوارق تصل إلى الماء راحت مجموعة من الموسيقيين المجتمعين على متن الباخرة تعزف "أقرب إليك يا إلهي". فبدأ بعض الركاب ينشدون معهم، بينما انحنى البعض الآخر فوق درابزين الباخرة ليروا للمرة الأخيرة الوجوه التي أحبوها والتي تختفي شيئًا فشيئًا في الظلام.
وبعد مرور ساعتين على الاصطدام أمر القبطان بمغادرة الباخرة كل على مسئوليته، وبقي هو في قاعدته ولم يره أحد بعد ذلك.
كان جؤجؤ الباخرة يغرق أكثر فأكثر بينما كوثلها يرتفع. وهكذا بدأت الزاوية التي شكلها سطح البحر مع الباخرة تتسع حتى أصبحت هذه الأخيرة عمودية. فانطفأت الأضواء كلها دفعة واحدة وسمع الغارقون صوت رعد رهيب، هو صوت الآلات الضخمة التي تحطمت من الجهة الأمامية. ثم غرقت الباخرة الكبيرة في البحر حتى غطتها المياه.
وعند حوالي الساعة الرابعة صباحًا وصلت الباخرة "كارباثيا"، وعند الساعة الثامنة أنقذت كل الزوارق. ووصلت مع "كارباثيا" باخرة "كاليفورنيا" التي توقفت خلال الليل على بعد 15 كلم من "تيتانيك". وقد انتقد قبطانها بشدة فيما بعد؛ لأنه لم يستجب لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها الباخرة المتضررة.

ضحايا الحادثة:
توفي في تلك الحادثة 1403 أشخاص من أصل 2206، وكان معظمهم من رجال الطاقم والركاب الذكور.

دروس من الكارثة:
كانت حادثة تيتانيك درسًا هامًّا لتجنب وقوع حوادث أخرى مماثلة. فقد شكلت الهيئة العالمية لمراقبة الجليد، وتم تجديد بعض الأنظمة؛ ففرض على البواخر أن تحمل عددًا إضافيًّا من زوارق الإنقاذ لنقل كل الركاب الذين على متنها.
ـــــــــــــــــــــــ
المصادر:
§ "أكبر كوارث القرن العشرن" –